من أوراسيا وباتاغونيا إلى أفريقيا وأستراليا، تعد الأراضي العشبية والأحراش والسافانا من النظم الإيكولوجية الأشد تنوعاً على كوكب الأرض. وتعد تلك النظم مكوّنات رئيسية لأراضي المراعي التي يستعين بها الرعاة في إنتاج الماشية بكثافة. كما أنها موطنٌ لحيوانات شديدة التميّز مثل الأسود والكركدن وآكِلات النمل العملاقة والولّب؛ فضلاً عن أنواع رئيسية من الطيور والحشرات؛ مما يجعل الحفاظ عليها أولوية ومقصداً جاذباً للسيّاح. كما أنها مهد تطور البشرية قبل ملايين السنين.

لكننا نتسبب في تدهور ما لدينا من أحراش وأراضٍ عشبية وسافانا بالاستغلال المفرط لها وسوء إدارتها. فبؤر الإنتاج الشديدة التأثر، مثل المساحات الواقعة على امتداد الأنهار حيث تكثر المغذيات ويزيد الوصول إلى الماء- تُحوَّل إلى أراضٍ للمحاصيل، وتُخلّف وراءها مناطق أقل إنتاجية وجافة وفقيرة بالمغذيات. وبات استخدام هذه المناطق بمفردها أكثر صعوبةً الآن. ومن شأن الرعي المفرط وسوء الإدارة أن يعرّضا التربة للتحاتّ والسماح للأحراش والأنواع الدخيلة باجتياح تلك المناطق سريعاً، لتحلّ محلّ الغطاء النباتي الأصلي. ويتزايد التصارع بين الحياة الفطرية والبشر مع تزايد الافتئات على تلك المناطق.

إنّ الإصلاح المناسب للمناطق المذكورة هو مطلبٌ حيوي، لا سيما في ظل وجود كثير من الممارسات الجيدة التي يمكن الاستفادة منها. ومن الإجراءات التي يمكن أن تساهم في إحياء الأراضي العشبية والأحراش والسافانا المتدهورة إزالةُ الغطاء النباتي الشجري وإعادة بذر الأعشاب الأصلية. ويمكن إعادة طرح ما استُئصل من نباتات وحيوانات وحمايتها من الافتراس والصيد لحين توطّنها واستقرارها. ويلزم غرس الأشجار بعناية وفق التكوين الطبيعي لتلك النظم الإيكولوجية، مع الحفاظ على الموائل الطبيعية للأنواع – مثل الطيور المحبة للأراضي العشبية.

إن إصلاح الأحراش والأراضي العشبية والسافانا يعني التعاون مع مستخدمي الأراضي – سواء كانوا رعاة أم أصحاب أنشطة أخرى. كما أن استخراج الموارد -مثل الماء والخشب، أو الحياة الفطرية أو المعادن أو منتجات الغابات غير الخشبية- يتطلب مراعاة مقتضيات الاستدامة. أي أن تعزيز نظم الحوكمة لا تقل أهمية عن ذلك، ويدخل في عداده الحيازة الآمنة والإدارة التشاركية للمراعي.

لمعرفة معلومات أكثر: